الرئيسية

الشيخ محمد علي دبوز

مكتبة الصفاء

جمعية الصفاء

مواعيد علمية

ملاحظات واقتراحات

نهضة الجزائر الحديثة وثورتها المباركة

 نبذة عن الكتاب

نهضة الجزائر الحديثة وثورتها المباركة 

تأليف

محمد علي دبوز

أستاذ الأدب والتاريخ في معهد الحياة بالجزائر 

 الجزء الثالث

في الكتاب 34 صورة فوتوغرافية تاريخية مهمة 

الطبعة الأولى

1389هـ_1969م

المطبعة العربية

الجزائر

  

الطبعة الثانية

1433 هـ - 2013 م

عالم المعرفة للنشر والتوزيع

قامت وزارة المجاهدين بطبعه بمناسبة الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر


مقدمة الكتاب


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عزيزي القارئ، ها أنا أقدم إليك هذا الجزء وهو مما واعدتك به في الجزء الأول وقد تأخر طبعه لا لتراخ مني، لقد شمرت عن ساعد الجد في أول شتاء عام 1385هـ / 1966م بعد صدور الجزء الأول بأسابيع، فجمعت مادة الجزء الثاني والثالث، فسهل الله لي الصعاب، فحصلت على ما أريد.

وقد جلست في شتاء سنة 85هـ/66م إلى مشايخي في ميزاب: الشيخ بيوض والشيخ أبي اليقظان، والشيخ عدُّون، والشيخ عبد الرحمن بن عمر بكلي وغيرهم، وهم الحافظون لتاريخ نهضة الجزائر في الشمال والجنوب، والمشاركون فيها،وهم من أقطابها في الجنوب، والعارفون لزعمائها في الشمال بالزمالة والاطلاع، فحدثوني عن النهضة في شبابها بين الحربين العالميتين، وعن زعمائها في الشمال والجنوب بكل ما أريد وأعطوني من الوثائق كل ما أردت، جزاهم الله خيرا.

وفي ربيع السنة سافرت إلى مدينة الأغواط فاجتمعت بمن بقي من رجال نهضتها الأولى وببعض علمائها العاملين فحدثوني عن نهضة الأغواط بكل ما أردت، ثم زرت (بوسعادة) فاجتمعت بثلة من رجال نهضتها المخلصين وببعض علمائها العاملين، فعلمت ما أريد عن نهضتها المباركة، وواصلت طريقي إلى مدينة (سطيف) فاجتمعت بشيوخ فضلاء هم زملاء الطفولة لأستاذنا الكبير الشيخ البشير الإبراهيمي رحمه الله، وأصدقاؤه المقربون في كل أدوار حياته، وأعضاده الكبار في جهاده الأول في سطيف، وهم ممثلوا جمعية العلماء في ناحيتهم، يعرفون أسرة الشيخ البشير معرفة تامة بالمعاشرة والمجاورة، ويحفظون تاريخ الشيخ في الطفولة والشباب، وهؤلاء هم الشيخ محمد بن الحاج عمار، والشيخ عبد الرحمن بيبي حفظهما الله، فحدثوني في مجالس عن الشيخ وأسرته بكل ما أريد، وأطلعوني على منازل أسرته ومنشئه في (اذراع الميعاد) فصورت ما أريد من آثار جزاهما الله خيرا، وجلست في سطيف إلى بعض تلاميذ الشيخ البشير في مدرسته الأولى في سطيف فحدثوني عن جهاده في التربية والتعليم، وعن نظام مدرسته وأساليبه فاستفدت فوائد عظمى، وكنت أسجل الأحاديث بالآلة الماسكة للصوت فأظفر في المجلس القصير بالشيء الكثير، فاستأنفت سفري إلى (قسنطينة) فجمعت ما بقي لي من مادة في تاريخ الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله، فاجتمعت ببعض إخوته وأخواله، فعرفت عن أسرته ووراثته ما أدرت، وصورت معاهده وبعض آثاره، فسافرت في آخر أفريل من نفس العام66إلى (باتنة) فاتصلت ببعض تلاميذ الشيخ باديس الأولين، وهم الذين نشروا دعوته في جبال آوراس فأعدوها للثورة، فلولا التربية الإسلامية والتعليم العربي الإسلامي الذي قامت به جمعية العلماء في آوراس، وما نفخ أبناء باديس فيها من روحهم الإسلامية القوية، ما ثارت، وما صارت قاعدة ثورتنا مع جبال القبائل وغيرها، فعرفت الشيء الكثير من جهاد هؤلاء الذين كانوا أحسن الخلائف لأستاذهم في جهاتهم، وداموا على العهد.

ومن هؤلاء الشيخ عمر دردور حفظه الله، فوصلت بسكرة وسيدي عقبة باحثا عن تاريخ البطل العظيم المخلص الشيخ الطيب العقبي رحمه الله فجلست في جامع سيدي عقبة إلى شيوخ وكهول من أسرته، فحدثوني عن نسب الشيخ ونشأته بكل ما أريد، وعرفت عن الشيخ وعن مدينة عقبة وجهادها العلمي الشيء الكثير، وجلست إلى بعض تلاميذ الشيخ العقبي في بسكرة فحدثوني عن معهده في بسكرة وجهاده الإصلاحي والصحافي فيها بالشيء الكثير.

إن الشيخ الطيب العقبي رحمه الله هو الذي قام بأكبر ثورة في الجزائر العاصمة، وكر الاستعمار ومفاسده،فاستأنف فيها جهاد الشيخ عبد القادر المجاوي وصحبه رحمهم الله، فهجم في قوة وإخلاص في دروسه في نادي الترقي وغيره على الفساد في العقيدة والأخلاق، وعلى الإلحاد، والعصبية المذهبية والجنسية والجهوية التي كانت تمزق الجزائر وتجعل المسلمين طوائف تتقاتل، فطهر النفوس وأضاءها بدين الله، فرجع الناس إلى الصراط المستقيم، فاعتزوا بالعربية والدين، ففتحوا مدرسة الشبيبة المباركة في العاصمة وغيرها من المدارس العربية الحرة التي هيأت للجزائر جندها فثارت على عدوها، والشيخ العقبي والشيخ توفيق المدني من أكبر من هيأ لنشوء جمعية العلماء، فلولا مرابطتهما في نادي الترقي لتعذر نشوء الجمعية في العاصمة أو تأخر نشوؤها، هذا الرجل العظيم الذي وهب حياته للجزائر وزلزل أركان المستعمرين وأذنابهم، وكان من أقطاب جمعية العلماء،لما أرادت فرنسا أن تقضي على جمعية العلماء في سنة 1936م عمدت إليه هو فأنزلت عليه ضرباتها وهمت بالفتك به، لأنه الرأس الذي تتهاوى عليه الضربات إذا أريد القضاء على صاحبه، هذا البطل العظيم المخلص،صار كثير من ناشئتنا لا يعرفه، وكثير من كتابنا ومؤرخينا يتجاهلونه ولا يذكرونه، وكأن الجزائر لم تنجب إلا بطلا واحدا، وهي لعمرك عرين أسود كثيرة يجب أن نكون أوفياء لهم، فنعرف بهم أبناءنا وأحفادنا والعالم الإسلامي فإنهم المثل العليا لهم مع الشيخ عبد الحميد رحمهم الله.

وزرت بعد بسكرة (تبسة) فاجتمعت بالتلاميذ القدماء للبطل المخلص الشهيد الشيخ العربي التبسي رحمه الله وببعض أهله، فحدثوني عن نسبه ونشأته وأنواع جهاده بكل ما أريد جزاهم الله خيرا، ثم اجتمعت في الجزائر العاصمة بكثير من الأساتذة الكهول أبناء جمعية العلماء فعرفت الكثير منهم عن هؤلاء المشايخ وغيرهم، واجتمعت بالأستاذ محمد الميلي فحدثني عن والده الشيخ مبارك الميلي رحمه الله، وعن تبسة ونشأته وجهاده، ثم عكفت على آلة تسجيل الصوت فنقلت حرفيا إلى دفاتري ما في الأشرطة الكثيرة، فأمضيت في ذلك أسابيع كثيرة كان عملي يتصل فيها جل النهار وأغلب الليل، وعمل النقل من الآلة والكتابة بالفصحى مرهق شاق ينهك الأعصاب أكثر من التأليف، فأعانني الله فأتممت عملي على أحسن وجه والحمد لله، فأسرعت في شهر يوليو1966م إلى الشام فإن نشاطي في تأليف الجزء الأول فيها في الصيف الماضي، وأصدقائي الكثيرين فيها جعلني أوثرها في هذا الصيف لتأليف الجزء الثاني، ثم إن الطباعة فيها وفي لبنان أرخص، فعكفت في دمشق على الجزء الثاني، وكان الله معي فألفت جزءا كبيرا منه في وقت قصير، واتفقت مع مطبعة للطبع ولكنني لم أكد أهم بالطبع حتى صدر قانون أغسطس 66 في الجزائر فانسد باب استيراد الكتب إلا لشركة واحدة، فتعذر الطبع في الخارج، فأتممت في الشام تأليف معظم الجزء الثاني فرجعت إلى الجزائر فواصلت عملي في التأليف، فأتممت الجزء الثاني والثالث، وبدأت في كتاب جديد يتصل بقطب من أقطاب النهضة، وكنت أرقب الفرصة لطبع ما يتيسر من هذه الكتب في الجزائر حتى وجدتها في هذا العام، فعاضدني أصدقائي المخلصون جزاهم الله خيرا، ووجدت مطبعة «دار الفكرالإسلامي» في الجزائر، فعرفت نظامها ومعاملتها الحسنة فأقدمت على طبع هذا الكتاب والحمد لله، والله أسأله المزيد من عونه حتى أطبع كتبي كلها في وطني الحبيب.

وقد بدأت بطبع الجزء الثالث قبل الثاني لشدة اتصال الثالث كله بآخر الجزء الأول فإن أول الثاني في نهضة الشمال وزعمائها، فلم أر حرجا في تقديم الثالث لأن القارئ له يستمر في موضوعه الذي بدأه في آخر الأول، ومن الأسباب الكبرى التي جعلتني أقدم الثالث غلاء الطبع في الجزائر، إنه أضعاف تكاليفه في المشرق العربي خمس مرات، وطاقتي المادية لا تسمح لي بطبع الجزأين معا، وتأخير الثالث لا يمكن لأسباب كبرى منها شدة إلحاح كثير من أصدقائي المؤلفين والمدرسين الجامعيين وغيرهم في المشرق العربي وفي المغرب أن أعجل لهم بنهضة الجنوب، سيما معهد الحياة الذي يلمسون آثاره التي يعجبون بها في تلاميذه في جامعاتهم، ويرون نتاج أبنائه الأدبي والعلمي ولا يعرفون عنه شيئا، إنهم يتطلعون في شغف ولهفة ليعرفوا نهضة الجزائر التي أسفرت عن ثورتها العظمى، سيما نهضة الجنوب، ولكنهم لا يجدون الموارد الكافية، ومن الأسباب الكبرى في تقديم الثالث الذي استغرق معظمه الحديث عن معهد الحياة أن هذا المعهد العظيم لم يبق له إلا مدة قصيرة ليصل الخمسين من عمره المبارك - ولازال في شبابه وصعوده والحمد لله - فمن حقه على الجزائر وعلينا أن نحتفل بعيد ميلاده الخمسين، فرأيت أن أقدم تاريخه بين يدي هذا العيد السعيد.

وليس إسرافا أن نخصص معظم هذا الجزء لمعهد الحياة، يجب أن يخص بتآليف عدة تجلوه في كل نواحيه، لأن الطرق الرشيدة في التربية والتعليم هو ما تحتاجه الأمم الإسلامية التي ظل كثير منها الطريق في معاهدها وفي التربية عامة فجنت عاقبة ضلالها الوخيمة، فهوت وتأخرت وكبها الله على مناخرها فوطئ عدوها على رقابها،ومعهد الحياة لالتزامه للتربية الإسلامية الرشيدة، وأخذه من أساليب التعليم الحديثة كل حسن مقبول، من المثل العليا التي يجب تقديمها للأمم الإسلامية والمغرب ليقتدوا فينهضوا ويفلحوا إن شاء الله.

وما أشد حاجة الجزائر التي عزمت حكومتها على تنصيب لجنة إصلاح التعليم فيها قريبا إلى علم اللجنة المباركة بمناهج مدارسها الرشيدة الناجحة التي قدمت للجزائر والمغرب والإسلام خيرا كثيرا كمعهد الحياة لتقتبس منها، فإن مناهجها هي التي أثبتت التجارب الطويلة صلاحها، وهي التي - لا غيرها - تطالب بها الجزائر، وتحقق آمالها في عهد استقلالها السعيد، لا المناهج المستوردة الوبيئة البعيدة عن مزاجنا وديننا وأهدافنا السامية، لقد اغترت بها أمم إسلامية فأخذت بها على غير هدى فباءت بالخسران المبين.

وطبعت هذا الجزء في الجزائر، والطبع غال جدا فيها، إنه أضعافه في الشرق خمس مرات، ولكن لا بدَّ من الطبع في الجزائر لتكوين الطباعة العربية فيها، إن تكوينها واجب وطني أكيد لا بدَّ أن نقوم به.

إن ازدهار الطباعة العربية هي أساس تعريب الجزائر وازدهار الفكر الجزائري، بدونه لا نحصل عليهما، وهما من أكبر آمال شعبنا وأهدافه في ثورته العظمى، يجب أن نضحي ونعرف الواجب.

يضحي المؤلف فيطبع كتبه في الجزائر ويكتفي بالقليل من الربح المادي، وتضحي المكاتب التجارية وتشجع الكتاب الجزائري، وحرام أن تساويه بالكتب الأخرى فيما يكون لها منه، يجب على أصحابهــا - وهم خاصة وفضلاء - أن يعرفوا واجبهم في الكتاب الجزائري فيكتفوا بالقليل من الربح المادي، ويعتبروا الربح المعنوي ليكون الكتاب الجزائري بثمن يستطيعه كل القراء.

ويجب على الحكومة أن تولي المؤلف الجزائري المسكين ما يجب من تشجيع وعون وحماية، فتأخذ لمدارسها ومكاتبها العامة كمية من كل كتاب جزائري كما تفعل ليبيا الشقيقة فأفلحت إن القانون فيها أن تأخذ الحكومة من كل كتاب ليبي يطبع خمسمائة نسخة بثمنه في السوق لمدارسها، ومكاتبها، ليت حكومات المغرب كلها تسن هذه السنة الحسنة ليتحقق أمل المغرب في باب النشر والتأليف.

ويجب على القراء أن يضحوا، إن الكتاب الجزائري ككل بضاعاتنا الناشئة غالي الثمن ولكن الواجب الوطني يفرض علينا تحمل ذلك الغلاء لننعم قريبا بالرخاء والازدهار إن أحدنا ليشتري النعل الذي يخوض به في الوحل ويفنى بخمسين دينارا وأكثر، ويستكثر نصف هذا الثمن أو أقل في الكتاب الجزائري المفيد الذي هو غذاء ضروري وأكبر عدة في الداخل، وأحسن سفير للجزائر في الخارج.

إن العالم الإسلامي (سيما المظلومين) لينظر إلى الجزائر معجبا بثورته ونجاحها، ويتلهف لمعرفة أسباب النجاح كي يأخذ بها في ثورته على الاستعمار والصهيونية، فيجب أن نعجل بتاريخنا الحديث ليعرف إخواننا الطريق السوي فيسلكوه، إن هذا واجب يفرضه علينا الدين والأخوة الإسلامية، لقد نجحت الجزائر في ثورتها المسلحة، لنجاحها في ثورتها الكبرى الإصلاحية، فلولا نجاحها في ثورتها الكبرى التي استمرت قرنا وربع قرن ما كانت الثانية وما نجحت، إنها ثورة عظيمة مقدسة لا يستطيعها إلا الأنبياء وخلفاؤهم العلماء، ثورة على أقوى عدو في الأرض وأرسخ عدو في قواعده، وهو فساد النفوس، وكان شعار علمائنا المجاهدين في معاركهم هو ما سنه الله لكل الأمم، ولن تجد لسنة الله تبديلا، وهو قوله تعالى: " إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ " (الرعد: 11)،فغيروا نفوس الجزائر وأصلحوها بالدين الذي هو وحده البلسم الشافي، وما عداه تكون المحاولة به كمن يطب للعين الرمداء بالتراب العفن، فوجهوا الجزائر إلى الله، وعلموها التضحية والإخلاص، فكانت أعمالها في ثورتها الأولى تريد بها وجه الله وإعلاء كلمته، فكان لها فصرعت أعداءها الأقوياء، وقامت بثورتها المسلحة بهذه الروح ولهذا الهدف العظيم، فكان شعارها (الله أكبر) وتدرعت بقوة الله التي لا تهزم فصرعت كل أعدائها، هذا هو الطريق الذي سلكه سلفنا، وسلكته ثورتنا، وهو لا غيره سبب القوة والنجاح والفلاح، وفي هذا الكتاب ما يزيدك علما بهذه القاعدة الكبرى.

لقد علمت أخي في الجزء الأول من هذا الكتاب نشأة نهضتنا وأدوارها الأولى إلى الحرب العالمية الأولى، ثم دخلت شبابها وآتت كل ثمارها الطيبة، فما هي أسباب ذلك الشباب ذلك ما ستعرفه في هذا الكتاب، وقد حدثتك الحديث الشافي عن نهضة الأغواط المباركة وعن معهد الحياة لأنه مثال للمعاهد التي أنشأها زعماء نهضتنا في أنحاء الجزائر فهيئوا لها جندها القوي الذي صالت به وأفلحت به، وإذا عرفته فقد عرفت معهد ابن باديس الأول ومعهد الإبراهيمي والعقبي والتبسي والميلي وغيرهم، رحم الله مشايخنا جميعا، وهدى الله أبناءهم ليحيىوا طريقهم ويواصلوا جهادهم ويغنموا لآخرتهم من دنياهم ويكونوا قدوة للعالمين، والله أسأله المزيد من عونه وحفظه فأحدثك في الأجزاء المقبلة بكل ما أستطيع عن نهضتنا إن شاء الله.

محمد علي دبُّوز

      هذا الكتاب

سألني كثير من أصدقائي المؤلفين والأساتذة في القاهرة والمشرق العربي عن جذور الثورة الجزائرية العظيمة! تلك الثورة التي شرفت الإسلام والمسلمين، ورفعت رؤوسهم وأورثتهم العزة  والثقة بالنفس، وجعلتهم يزدادون اعتقادا بأنهم إذا رجعوا إلى الله وعملوا لوجهه الكريم يكن معهم، فيأتوا بالمعجزات كما فعل أجدادهم المسلمون في خير القرون ! وكانوا يسألونني في لهفة: ما الذي أورث للأمة الجزائرية تلك القوة العظمى التي صمدت بها في الحروب المريرة الطويلة، واستبسلت في القراع، فهزمت عدوا قويا أضعافا في العدد أربع مرات، تظاهره أسلحة الحاف الأطلنطي الجبارة وافتكت حقها ببطولتها وتضحيتها، وقرت عينها؟!

فكنت أجيبهم : إن ذلك كان بوراثة الجزائر الزكية القوية من أجدادها الأقوياء العظماء، ومن دينها الإسلامي العظيم ! وبنهضتها العظيمة ! تلك النهضة التي قام بها زعماؤها المصلحون المخلصون، فأصلحوا نفوس الأمة الجزائرية بدين الله القويم فنهضت واتحدث، وثارت، وجاهدت في سبيل الله لاعلاء كلمة الله ! وللعزة والحرية والكرامة فنصرها الله !

أما وراثة الجزائر والمغرب التي كونها فيهم عنصرهم القوي الكريم ودينهم الاسلامي العظيم فذلك ما جلوناه في كتابنا (تاريخ المغرب الكبير) في أجزائه الثلاثة أما نهضة الجزائر العظيمة التي هي الجذر الثاني لثورتها المباركة فذلك ما تجده في هذا الجزء وفي غيره من أجزاء هذا الكتاب إن شاء الله .

نهضة الجزائر الحديثة وثورتها المباركة:

   في ثلاثة أجزاء: 1-2-3 تشتمل على 996 صفحة من الحجم الكبير. هذا الكتاب يريك أسباب النهضة الإسلامية العظيمة الحديثة في الجزائر. وأدوارها ونتائجها الكبرى في كل دور، وقادتها المصلحين وتاريخهم، وأسباب عظمتهم ونتائجهم العظمى للأمة، ويريك أسباب ضعف الأمة الجزائرية فاستولى عليها الاستعمار،  والطريق الذي سلكه مصلحوها فأشفوها بدين الله، فنهضت وازدهرت وجاهدت في سبيل الله فاستقلت والحمد لله. وجل الأجزاء الثلاثة أبواب مهمة في تاريخ الجزائر الحديث لا توجد في كتاب.

   كتب بأسلوب جميل طليّ، وبتحليل فلسفي عميق، وطبع طبعة جميلة، وهو يشتمل على صور فوتوغرافية تاريخية كثيرة مهمة لزعماء النهضة ومظاهر النهضة الحديثة ومنابعها.

يوجد في المكاتب الكبرى في الجزائر.

العنوان

info@cheikhdabouz.com