نبذة عن الكتاب
أعلام الإصلاح في الجزائر
من عام 1340هـ 1921م - إلى عام 139
5هـ 1975م
تأليف
محمد علي دبوزأستاذ الأدب والتاريخ في معهد الحياة بالجزائر
الجزء الثالث
في الكتاب صور فوتوغرافية تاريخية مهمة عديدة
الطبعة الأولى
1398هـ_1978م
مطبعة البعث
قسنطينة_الجزائر
1394هـ_1974م
مطبعة البعث
قسنطينة_الجزائر
الطبعة الثانية
1433 هـ - 2013 م
عالم المعرفة للنشر والتوزيع
1433 هـ - 2013 م
عالم المعرفة للنشر والتوزيع
قامت وزارة المجاهدين بطبعه بمناسبة الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر
مقدمة الكتاب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من بعث إلى الخلق أجمعين، فأصلح النفوس بدين الله القويم، فسادت وسعدت في الدارين، وكان إمام المصلحين وقدوتهم في كل حين، سيدنا محمد وعلى كل الأنبياء والمرسلين.
عزيزي القارئ، إن هذا الجزء من كتاب «أعلام الإصلاح في الجزائر» حلقة للجزء الأول و الثاني منه، فمقدمته ما ورد في مقدمتهما، ارجع إليهما تعرف موضوع الكتاب، ومنهجي فيه، ومصادري التاريخية، لقد كان الله معي والحمد لله، فتم هذا الجزء الثالث تأليفا وطبعا، وكان على أحسن وجه أستطيعه، إنه رغم صعوبة موضوعهفقد سهله الله لي، وذلك لحسن النية في تأليفه وهي:البرّ بديني، ووطني، ومشايخي أعلام الإصلاح في الجزائر، وإفادة طلاب المعرفة في أنحاء العالم، طلبا لرضا الله سبحانه وتعالى، وللاستعداد الكبير له.
إنه وإن ألفته في شهور، ولكن الاستعداد له بجمع المعلومات التاريخية من مصادرها الصحيحة قد بدأ منذ ثلاثين عاما، وكنت أتضرع إلى الله العلي القدير في هذه المدة وقبلها في الصلوات ومقامات الدعاء، أن يعينني ويوفقني في تأليف تاريخ الجزائر الحديث، وتاريخ مشايخنا أعلام الإصلاح، فأنقذ كل ما أستطيعه من الضياع، إنه لم يدون فيستطيع كتابته أبناؤنا وأحفادنا، ولكنه وحافظة من بقي من مشايخنا، والمسنين الذين تفقد جماعة منهم في كل عام، لئن لم نعجل بروايته عنهم وكتابته ونشره يضيع، فاستجاب الله دعواتي والحمد لله، فأعانني فاستطعت أن أقوم بهذا العمل الصعب والحمد لله، ولولا عون الله وتوفيقه لتعذر علي القيام بهذا العمل الصعب البكر الذي لم تشق طرقه، ولم تمهد بسلوك السالكين فيها، فله الحمد والمنة، وأسأله المزيد من عونه وحفظه وتوفيقه وكل نعمه.
إن تاريخ أعلام الإصلاح في الجزائر تاريخ للأمة الجزائرية كلها، وجل ما ورد في هذا الجزء وغيره من أجزاء الكتاب أبواب مهمة من تاريخ الجزائر الحديث وتونس الخضراء أيضا في عهد من أهم عهود تاريخهما الحديث، لم تنشر قبل في كتاب.
إن ما تجد في هذا الجزء وغيره من أجزاء هذا الكتاب من مادة تاريخية روتها عن أعلام الإصلاح الذين أكتب عنهم، وعن الثقاة الأذكياء الحافظين من أسرهم، وزملائهم الذين عاشروهم منذ الصبا، وفي عهود جهادهم، وتلاميذهم الذين لازموهم ورووا عنهم تاريخهم.
إن الشيخ بيوض حفظه الله ومتع أمته الإسلامية به هو الذي حدثني بتاريخه بإسهاب، وبكل ما يحفظ من تاريخ الحركة الإصلاحية وأعلامها في شمال الجزائر وجنوبها، فسجلت حديثه كله بالآلة الماسكة للصوت، ثم نقلته حرفيا منها، وهو رعاه الله الحفاظة الذكي المعتني بالتاريخ، ومن أعلام الإصلاح الذي أكتب عنه، يعرف أدواره وتاريخهن وتاريخ القائمين به معرفة واسعة، قبل ما تجده في غيره، إنه من أكبر المصادر التي تزودت منها بالمعلومات التاريخية الكثيرة، وكنت في وقت كتابتي لتاريخه في هذا الجزء والجزء الثاني والأول من هذا الكتاب أرجع إليه في كل ما يغمض علي أو يقع لي اشتبه فيه، فيوضح لي كل ما أريد، ويمدني بما أشاء من التاريخ رعاه الله، وأطال بقاءه.
وحدثني الشيخ أبو اليقظان بتاريخه بإسهاب فكتبته، وحدثني بما يحفظ من تاريخ الإصلاح في الجزائر وتاريخ قادته، فما تجد من مادة تاريخه في هذا الكتاب رويتها عنه.
وحدثني بتاريخ الشيخ مبارك الميلي في كل أدواره بإسهاب ابنه العالم الحافظ الثقة الأديب الأستاذ محمد بن مبارك الميلي، فسجلته بالآلة الماسكة للصوت، ثم نقلته حرفيا منها.وحدثني به معلمه الأول في الكُتّاب السيد أحمد مزهود وزميله في الكُتّاب السيد الطيب غيمُور.
وكنت من زمن بعيد أتحسر لعدم كتابة تاريخ العالم المصلح الشيخ محمد الميلي، أستاذ الشيخ مبارك الميلي ومربيه، وأحد التلاميذ البارزين للشيخ عبد القادر المجاوي، أعانه في غرس بذور الإصلاح في ولاية قسنطينة، ورفع رايته في شمالها، فهو من العلماء المصلحين الأولين في الجزائر، ومن منشئي نهتنا الجزائرية العربية الإسلامية الحديثة، فلزام أن نكتب تاريخه في توسع، ولم أستطع ذلك في الجزء الأول من كتابي «نهضة الجزائر الحديثة»، الذي تحدثت فيه عن المصلحين في الجزائر بتوسع، لعدم ظفري بمصادر تاريخه من أهله وتلاميذه، فأتاح الله لي في شهر فبراير المنصرم من هذا العام 1978م ابنه الحافظ، المثقف الذكي السيد محمد الصالح بن الشيخ محمد الميلي، فحدثني بإسهاب بكل ما أريد من تاريخ والده في كل أدوار عمره، وحدثني بتاريخ الشيخ مبارك الميلي، فهو صهره، أخو زوجة الشيخ مبارك، وزميله في عهد تلمذة الشيخ مبارك على والده، وصديقه ومؤيده في جهاده الإصلاحي في ميلة، يعرف تاريخ نشأته وجهاده، فأفادني بحقائق جديدة عديدة في تاريخ الشيخ مبارك، فقرت عيني والحمد لله لما كتبت تاريخ الشيخ محمد الميلي في هذا الجزء، وقد سجلت حديث السيد محمد الصالح بالآلة الماسكة للصوت، ثم نقلته حرفيا منها.
إن ما تجد في هذا الكتاب من تاريخ استقيته من هذه المراجع الحية الصحيحة، وكنت إذا تعددت الأقوال في شيء، أمحصها، وأحقق التحقيق الدقيق المتأني، ثم أرجح واحدا منها، وأختار في الغالب أقوال الثقاة الحافظين الذي شاهدوا ورأوا ما يتحدثون به من وقائع التاريخ، فإنها أصح من أقوال الذين سمعوا، قد تكون مصادرهم غير صحيحة، أو نسوا، أما ذاكرة من يشاهد فهي أقوى وعلمه أتم وأصح.
إنه ليس لي في مادة هذا الكتاب التاريخية إلا ما شاهدته أنا لملازمتي لأستاذي الشيخ بيوض عشرات السنين، وصلتي الوثيقة بالشيخ أبى اليقظان مدة طويلة، فعرفت الكثير من تاريخهما وتاريخ الإصلاح بالمشاهدة والمشاركة، وإلا الاستنباط المنطقي الصحيح من نصوص التاريخ الصحيحة، وهو ما يجب في تأليف التاريخ المجدي البناء.
ونشرت في هذا الجزء وغيره الكثير من الصور التاريخية المهمة، زادت لفصوله بيانا، وأيدت نصوصه التاريخية، فأنقذتها من الضياع، وقد بذلت جهدا كبيرا في الحصول عليها، وأنفقت أموالا كثيرة، إنها ضرورية في التاريخ، وجدواها على القارئ كبيرة، ولتأثر المرء بالمحسوس وإدراكه أكثر ضرب الله لمعاني القرآن السامية أمثلة كثيرة من المحسوس.
وألفت هذا الكتاب وغيره من كتبي بأسلوب طلي واضح يلذ القارئ، ويحبب إليه التاريخ، وهو ما يجب في تاريخنا، نحتفل به كل الاحتفال، فنزفه إلى العالم في الأسلوب الجميل الوضاح، سيما تاريخ المغرب العربي الكبير المظلوم في القديم والحديث، يجب الاحتفال البالغ في كتباته، إنه في قديمه وحديثه صفحات مشرقة، ترفع رأس الأمة الإسلامية، وأبوابه طاقات من أزهار الجنة نزفها إلى الدنيا، لا توضع إلا في أجمل الأصص المزخرفة الرائعة.
لقد زادني نشاطا في تأليف كتبي ما رأيت وأرى من استقبال العلماء الكثيرين والقراء الحسن لها في أنحاء العلام، واستزادتهم لي ملهوفين من تاريخ الجزائر التي يعجبون بها، وتاريخ المغرب الكبير، جزا الله بكل خير ونعمة في الدارين كل مشايخي وتلاميذي وإخواني الذين مدوني بالوثائق التاريخية التي طلبتها، أو حدثوني بما عندهم من تاريخ، وشكرا جزيلا لمطبعة البعث الإسلامية فقد وجدت فيها ما أردت من نشاط ونظام وإتقان، ووفاء بالمواعيد، وحسن في معاملة، وتقدير كبير لعملي وشخصي الضعيف.وحفظ الله مديرها الحازم الهمام الشيخ محمود عياط، ورئيس القسم العربي فيها الخير النبيل الشيخ الهاني ابن عبد المجيد بستانجي، أدامهما الله ذخرا للعربية والعلم في الجزائر، فقد وجدت منهما ما أردت من طيبة النفس ونبلها، وعناية بهذا الكتاب في التصحيح والإخراج.
إن المرء مهما أتقن عمله لابد أن يكون فيه نقص في ناحية، رحم الله من يهدي إلى عيوبي في هذا الكتاب وغيره من كتبي، فإنه لا يدعي العصمة والكمال في عمله إلا الضعفاء المغرورون المخطئون.
ورحم الله كل أخ صالح دعا لي في صلواته ومقامات دعائه بالمزيد من عون الله وحفظه وتوفيقه وكل نعمه، فاُألِّف ما بقي من أجزاء هذا الكتاب، وغيره على النحو المراد، فإن داء الصالحين الغنم العظيم، والعدة الكبرى للعاملين.
والحمد لله على عونه وحفظه وعلى كل نعمه ـ وأسأله المزيد الدائم منها ـ في البدء والختام، والصلاة والسلام على خير الأنام.
القرارة ـ ميزاب ـ ضاحية ساقية العين
صباح الثلاثاء المبارك 23 جمادى الثانية 1398 هـ /30 ماي 1978م.
محمد علي دبوز